قصة غريبه

انتْ امرَأة تضربُ ابنَها كُلّ نهارِ يوم جدِيد أمَامَ النَّاس !

وَ كانَ الابن لا تَنزلُ لهُ دمُوع , وَ لا يتلَفّظُ بشيءٍ لأمِّه !
...وَ بعدَ فترة بيومٍ من الأيَّام .. فجأة أجهَشَ الابنُ بالبُكاء !

وَ بعدَ أن انتهَتْ أمّه وَ ذهبتْ .. أسرعَ إليهِ النَّاس و قالُوا له :
ما الّذي أبكَاك اليَوم , وَ أنتَ لمْ تبكِ طوالَ الأيَّام الماضية و

هيَ تضربُكَ بنفسِ الضَّرب ؟!!
قَـال : شَعرتُ بأنَّ قُـوّة أُمّـي قدْ ضَعفَـتْ !!!
قالت لهُ...
أتحبني وأنا ضريرة...
وفي الدُّنيا بناتُ كثيرة...
l
الحلوةُ و الجميلةُ و المثيرة...
ما أنت إلا بمجنون...
أو مشفقٌ على عمياء العيون...

قالَ...
بل أنا عاشقٌ يا حلوتي...
ولا أتمنى من دنيتي...
إلا أن تصيري زوجتي...
وقد رزقني الله المال...
وما أظنُّ الشفاء مٌحال...

قالت...
إن أعدتّ إليّ بصري...
سأرضى بكَ يا قدري...
وسأقضي معك عمري...
لكن..
من يعطيني عينيه...
وأيُّ ليلِ يبقى لديه...

وفي يومٍ جاءها مُسرِعا...
أبشري قد وجدّتُ المُتبرِّعا...
وستبصرين ما خلق اللهُ وأبدعا...
وستوفين بوعدكِ لي...
وتكونين زوجةً لي...
ويوم فتحت أعيُنها...
كان واقفاَ يمسُك يدها...
رأتهُ...
فدوت صرختُها...
أأنت أيضاً أعمى؟!!...
وبكت حظها الشُؤمَ...

لا تحزني يا حبيبتي...
ستكونين عيوني ودليلتي...
فمتى تصيرين زوجتي...
قالت...
أأنا أتزوّجُ ضريرا...
وقد أصبحتُ اليومَ بصيرا...

فبكى...
وقال سامحيني...
من أنا لتتزوّجيني...
ولكن...
قبل أن تترُكيني...
أريدُ منكِ أن تعديني...
أن تعتني جيداً


موقِفٌ تعجَزُ فيهِ الكلِماتُ عن التَّعبير :

اللهُمّ ارزُقنا البرَّ بآبائِنا , اللهُمَّ أعنَّا على برِّهما وَ طاعتِهما و الإحسَانِ وَ التَّودُّدِ إليْهِمَا ()
اللهُمَّ أسعدْهُما ببرِّنا وَ صلاحِنا

يا جماعة براحة على الراجل ...
اعتقد أن هذا هو نعم الانتقال السريع بالقارئ ...
وهذا ما يجيده أستاذنا أبو ورده ...
فالربط المفاجئ بين الحبين والتضحية السامية فيهما ..
وإظهار كل من الطرفين للآخر مدى تحمل الألم والوجع في سبيل إسعاد الآخر .. ما هو إلا دليل على أن الملكة
الفائقة للأستاذ أبو وردة في سرد القصة - الغريبة - بهذه الطريقة . . .
فالوردة الأولى فاحت رائحتها وأنتجت ذلك الولد
البار الذي لا يهمه مدى قساوة الضرب الذي تلقاه من والدته - الله يديها
الصحة والعافية - إلا أن ما حزَّ
في نفسه هو فقدان أمه لبعض من قواها .. ولذا كان أن يستمر عبير الوردة الأولى .. ولكن في مكان ما
ظهرت وردة أخرى لتمثل تلك التضحية والسعي في توفير السعادة للطرف الآخر ، لاستعادة تلك النعمة التي حبانا به الله وهي نعمة الإبصار ...
إلا أن هنالك وردة أخرى خبيثة الرائحة - نتنة - فاحت من جراء الخيانة ، خيانة تلك الأنثى لكل التضحيات التي
قدمها لها ذلك الضرير .. فبعد أن منَّ الله عليها وعادت فأبصرت مرة أخرى .. إلا أنها رمت بكل ذلك عرض الحائط . .
فشكراً لك الأستاذ أبو ورده لهذه الورود ..
وشكراً لك مرة أخرى لتلك الوردة التي أخفيتها بين ثنايا هذه القصة .. والتي
شممتها وأنا أكتب هذه الأسطر ... لا لشيء وإنما من مبدأ (حامل المسك ونافخ
الكير) ... ولكم كل الود والاحترام

قصدك تقول (سن اليأس الإبداعي) وانقطاع طمث الكتابة ؟