الحمد لله رب العالمين ، باسط الفضل ، ومعطي الجميل ، ومسبغ النعمة على الخلق أجمعين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :
أيها المسلمون : من نفحات الله وبركاته الفاضلة الجزيلة علينا في هذا الشهر العظيم ؛ هذه الليلة الجليلة التي سميت بـ" ليلة القدر " ، وما أدراك ما هي ؟ إنها خير من ألف شهر ، قال المفسرون : { لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } معناه : " عمل صالح في ليلة القدر خير من عَمِل ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"، وقال الإمام النووي - رحمه الله -: " ليلة القدر مختصة بهذه الأمة ، زادها الله شرفاً ، فلم تكن لمن قبلها..."، وقال أيضاً : " ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة ، ويستحب طلبها والاجتهاد في إدراكها " .
وقد يتساءل كثير من المسلمين : كيف نعرف ليلة القدر ؟ وهل لها علامات تعرف بها ؟ ما صفاتها ؟
ولأن " الأحاديث التي في ليلة القدر ليس فيها حديث صريح بأنها ليلة كذا وكذا "؛ نود أن نذكر هنا العلامات التي ذكر العلماء بأنها تدل على هذه الليلة العظيمة ، ونورد ما صح من الأحاديث في هذا الموضوع فنقول :
من علامات ليلة القدر:1-
أنها ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة : فعن عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء )) .
2-
أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها وتصبح ضعيفة حمراء: فعن زر بن حبيش - رضي الله عنه - قال: سمعت أبيَّ بن كعب يقول - وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر - فقال أُبيّ: " والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - ، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي : هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقيامها ، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين ، وأمارتها: أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها" ، ولا بأس أن يجمع بين هذا الأثر ، وبين الحديث السابق (( تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء )) بأن يقال : أتها أول ما تبدو ضعيفة حمراء ، ثم تكون بيضاء لا شعاع لها إلى ما شاء الله ، ثم تعود على طبيعتها .
3-
ليلة لا يُرمى فيها بنجم : فعن واثلة بن الأسقع - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( ليلة القدر بلجة ، لا حارة ولا باردة ، (ولا سحاب فيها ، ولا مطر ، ولا ريح ، ولا يرمى فيها بنجم ، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها)) .
وذكر بعض العلماء علامات أخرى - منها -:4-
زيادة النور في تلك الليلة وطمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن .
5-
أنها ليلة الأوتار من العشر الأواخر: وقد دل على ذلك أحاديث كثيرة منها حديث أبى سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( وقد رأيت هذه الليلة فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في كل وتر )) قال ابن تيمية - رحمه الله -: " ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( هي في العشر الأواخر من رمضان )) ، وتكون في الوتر منها ، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين ، وليلة ثلاث وعشرين ، وليلة خمس وعشرين ، وليلة سبع وعشرين ، وليلة تسع وعشرين " .
أما غير هذه العلامات فهي علامات كما قيل: " لا أصل لها " .
نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يبلغنا ليلة القدر ونحن في صحة وعافية ، وأن يوفقنا لقيامها ، والاجتهاد فيها ، وأن يكتب لنا فيها خير ما كتبه لعباده الصالحين .
والحمد لله رب العالمين
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]