لقد انتهى العيد. تستطيع الآن أن تغلق جيوبك الكظيمة وتنظر إلى المارة من خلال زجاج النافذة الذي يفصلك عنهم. كأنك غير قادر على الاختلاط? أم غير قادر على كسب صداقات جديدة?
صحيح أن بعض الصداقات القديمة تفقد بريقها.. وربما تفقد مبرر وجودها ولكنك غير قادر على مجاملات جديدة تقربك من الآخرين.
ألا يصب ذلك في باب المصلحة?!. هل انتهت مصالحكم المشتركة?! أم أنك لا تشعر بخسارة الفقد لذلك أنت لا تتأسى, ولا تندم على قطيعة مع صديق كنت تظنه صديقا.
و.. ما أكثرهم الذين تظن أنهم أصدقاء يرعون ودك واسمك.. وما أكثرهم الذين يهرعون إليك عندما تصعد إلى الشرفات العالية. أيضا ما أكثرهم الذين سيحاولون كسر درجات السلم الذي تصعد عبره إلى الأعالي.
وسترى ابتسامات كثيرة خلفك وأمامك.. عليك أن تميز.. أهي ابتسامات الحقد والحسد أم هي ابتسامات الفرح?! ألا تذكر قول الشاعر (إذا رأيت نيوب الليث بارزة....?!!)
هل نحن مجبرون على الابتسام عندما نعجز عن الكسر?!
ثق تماما أن اختلاط الأوراق يؤرق المرء.. وتأكد من غبائك إذا وثقت بكل الذين يشربون معك القهوة أو يزورونك في العيد.. حتى الذين يقدمون لك الهدايا قد يطعنونك في أي لحظة.
أنا أقول لك متى يتنحون عن طريقك.. أو متى يغمدون سكاكينهم? هذا يحدث عندما تكون شخصا حياديا, لا باردا ولا ساخنا لا مؤثرا ولا فاعلا. أو عندما تكون على هامش الحياة أي كما كانت تقول أمي (لا شوكة ولا دباحة).
تنفس الصعداء
الأيام تكشف لك الأقنعة.
(بتعرف) أحيانا يتمنى المرء ألا يكشف القناع. كم مرة امتدت يدي لتزيل قناعا يتماوج أمامي. إلا أنني أبتعد.. لا أريد أن أرفع القناع كي لا أصدق ما وراءه.. أحيانا لا نريد أن نصدق الحقيقة. نريد أن تكون الحقيقة كذبة. ولكن عندما نلمسها بأيدينا ونفرطها بأصابعنا.. وعندما يسقط القناع نرتجف.
كأنما يد سحبتنا إلى حافة جرف عال تختبىء الوحوش وراءه.
مع ذلك يجب أن يكون لنا أحلامنا.. (نسبح فيها) كما يقول الشاعر سليمان العيسى (آه.. خل الحب فينا).
ولكن لابد من وقفة مع أسماء دخلت دفتر هواتفك ولم تدخل القلب.. وأسماء دخلت القلب وتجاوزت العتبة واحتلت مقعدها في صدر الذاكرة. إلا أنها ودون سابق إنذار تبرز نيوبها..
في البداية تسأل: لماذا!?
ثم تقول: هذه حال الدنيا -إذ لا يدوم إلا الحي القيوم- يخطر في بالك أن تعاتب, لكنك تتراجع بسرعة. علمتك الأيام أن الذي يضيع من القلب لا يستعيده العتب.. والذي يبيعك لا تشتريه فلم يعد لديك الأسى القديم أيام الدراسة.. ولا الوجع الشديد على فقد أشخاص كانوا.. ثم بانوا.. ها أنت لا تشعر بالخسارة.. مر العيد. جاء أصدقاء وغاب آخرون. وأنت أنت.. لاتزال تراقب المارة من وراء نافذة ملطخة بالأيام.. ومازلت تحذف أسماء وتضيف أسماء إلى دفتر هواتفك.. يدك لا ترتعش عندما -تشخط- على اسم لم يعد يساوي شيئا بالنسبة لك:سيان وجوده أو غيابه. لكن تذكر أن الأصيل لا يفقد بريقه أبدا ولا يكون العيد لولاه